16‏/09‏/2012

الأردن: اختراقات حدودية من الجيش السوري لأراضينا

 
 
(CNN)-- قبل ساعات قليلة من موعد غروب الشمس في المنطقة الحدودية السورية الأردنية، المقابلة لسد الوحدة شمال اﻷردن، ترتفع وتيرة حركة عبور اللاجئين السوريين عبر واد سحيق، رغم وعورة الطريق وخطورتها، ويمكن بوضوح مشاهدة نقاط الالتقاء بين آليات عناصر الجيش السوري الحر، وآليات الجيش اﻷردني في عملية نقل اللاجئين يوميا.
ومن قلب الثكنة العسكرية اﻷردنية في منطقة الذنيبة الحدودية، المقابلة لقرية حيط السورية، وخلال جولة نظمتها القوات المسلحة الأردنية لوسائل الإعلام، يبدو مشهد توافد اللاجئين مفاجئا للعيان لحظة خروجهم من أحد اﻷنفاق، مجتازين مسار نهر اليرموك الجاف سيرا على اﻷقدام، أو في عربات الجيش الحر، برحلة مضنية تستغرق ساعات للوصول إلى موقع عربات الجيش اﻷردني.
وسرعان ما تبدأ آليات الجيش اﻷردني بنقل اﻷطفال والنساء، فيما يمضي الرجال للسير مترجلين مسافة لاتقل عن خمسة كيلومترات صعودا، يصل غالبيهم بحالة إعياء غير آبهين لبرهة بمصيرهم المجهول الممزوج بحلم عودة سريعة إلى الوطن، سوريا.
وتستقبل عناصر الجيش اﻷردني اللاجئين بإسعاف الجرحى منهم، وإمدادهم بالماء والعصائر والأطعمة الخفيفة، قبل أن تحل ساعات الليل التي تبدأ عندها رحلة أخرى إلى مخيم الزعتري في محافظة المفرق شمالي البلاد، لا يعرفون تفاصيلها بعد.
في هذه الأثناء، وبين أمتعة قليلة بسيطة اعتلتها أتربة الطريق، يفترش اللاجئون أرض الثكنة العسكرية تحت ظلال أشجار الزيتون، حيث يلهو اﻷطفال ويلتزم الكبار الصمت، وسط حالة من الذهول، فيما انشغل كثيرون بالسؤال عن أفراد آخرين من عائلاتهم سبقوهم إلى المخيم بأسابيع.
وتشكل قرى محافظة درعا الحدودية مع محافظة الرمثا اﻷردنية، المصدر الرئيسي للاجئين الوافدين، عدا عن اللاجئين من مدن حمص وريف دمشق، نحو المنطقة الحدودية، حيث تتولى عناصر الجيش الحر تأمين خروجهم الذي يتراوح بين ساعات وأيام.
ومن بينهم، سيدة من منطقة السيدة زينب جنوب ريف دمشق، وصلت للتو مع صغيرها عمار، استغرقت رحلتها أسبوعا، فضلت أن تلتزم الصمت لتكتفي ببعض ملامح الحسرة، فيما ارتسمت ابتسامة الوصول بأمان على شفاه ابنها.
التعب الذي بدا واضحا أكثر على النساء من اللاجئات اللواتي حرصن على تغطية وجهوهن، بعضهن تركن أزواجهن وراءهن، وبعضهن الآخر رأين بأن المصير الذي ينتظرهن في مخيمات اللجوء " أرحم من بشار اﻷسد وأرحم من الموت والرعب"، على حد قول بعضهن.
وتقول سيدة قادمة من بلدة الحراك التابعة لدرعا: "خرجنا من الحراك منذ نحو شهر، وبقينا ننتقل من مكان ﻵخر.. هدموا بيوتنا وحرقوا الكبار فيها.. طلعنا من تحت الموت حتى ما يفوتوا علينا متى ما بدهم .. حرقوا رجل ثمانيني ببيته .. هذه أعمال اﻷمن السوري.. هذا هو جيشنا."
الطفل عبد الرحمن (9 سنوات)، نسي التعريف بالمنطقة التي قدم منها، وانشغل منهمكا بالبحث عن من ساعده بالاتصال برقم والدته الذي دونه على قصاصة من الورق، حيث لجأت إلى الأراضي الأردنية قبل عائلتها بأسبوع لتأمين مسكن خارج المخيمات، كما يقول.
عبد الرحمن، الذي حضر برفقة عائلات أخرى مع شقيقين لا يكبرانه كثيرا، غلبت ملامح الخيبة على محياه مع أول محاولة اتصال على الرقم المدون لديه، بمساعدة أحد الصحفيين، ليتبين أن ثمة خطأ في الرقم لم يمكنه من الاتصال بوالدته التي تنتظره، متسائلا عما سيحل به لاحقا.
طفل آخر، قادم من بلدة داعل، وصف ما يجري في سوريا بالقول: "بشار بقّوس علينا."
والتفتت عدسات الكاميرات نحو فتاة مصابة وصلت للتو إلى الثكنة العسكرية بصحبة والدها، الذي تبين لاحقا أنه طيار مدني منشق، طلب عدم الكشف عن هويته.
وأظهر بعض الشبان ممن التقتهم CNN بالعربية، تفاؤلا أكثر من غيرهم بمصيرهم بعد اللجوء بنجاح إلى الأراضي الأردنية، وهو ما أشار إليه الشاب مياس (18 عاما)، القادم من زيزون في محافظة حماه السورية، الذي رجح بأن مكوثه في اﻷردن لن يزيد عن شهر، وسيعود بعدها إلى وطنه ليستأنف عمله في مجال الحفلات "الشعبية".
فيما رأى البعض بأن اﻷمر "بيد الله"، وحتى "يقضي بشار على الشعب" ، بحسب تعبير أحدهم.
من جهتها، لا تنفي قيادة حرس الحدود اﻷردنية حجم العبء المتزايد على كوادرها مع تزايد تدفق أعداد اللاجئين السوريين، الذين تجاوز عدد القادمين منهم عبر الشيك الحدودي حتى صباح الخامس عشر من أيلول الجاري، 71 ألف لاجيء، من بينهم 1931 عسكري و1450 مصاب.
وكشف قائد حرس الحدود، العميد الركن حسين الزيود، خلال لقائه بوسائل الإعلام عقب الجولة، إن ثمة اختراقات حدودية لعناصر من الجيش السوري للأراضي اﻷردنية، إلا أنه اكتفى بالتعليق عليها بالقول: "هناك اختراقات حدودية بسيطة، وهي قليلة."
ويعبر اللاجئون بحسب الزيود، من خلال نحو 15 نقطة حدودية غير رسمية، مشيرا إلى أن عدد اللاجئين خلال الأسبوع المنصرم فقط، بلغ نحو 7 آلاف لاجىء، فيما لفت إلى أن 40 في المائة من اللاجئين هم من الأطفال، مقابل 32 في المائة من النساء، و28 في المائة من الرجال.
وجدد الزيود تأكيده بأن حماية الحدود اﻷردنية مع سوريا، التي تمتد على مايزيد عن 370 كيلومترا، باتت هاجسا لدى حرس الحدود، عدا عن التصدي للرمايات القادمة من الجانب السوري خلال عمليات دخول اللاجئين.
كما بين العميد الزيود، أن لجوء عدد من العسكريين، رافقه اصطحاب بعضهم إلى أسلحتهم الفردية، مما زاد من مسؤولية القيادة العامة بحماية هؤلاء اللاجئين، ونقلهم ﻷماكن خاصة، وتوفير الحماية لهم، وفقا له.
وتوقع الزيود أن ترتفع كلفة استقبال وحماية اللاجئين وإيوائهم في فصل الشتاء المقبل، مشيرا إلى تحمل موازنة القوات المسلحة الأردنية كلفة إضافية تزيد عن من 185 مليون دينار أردني حتى نهاية شهر أغسطس/ آب المنصرم.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق