31‏/07‏/2012

النقص بالدجاج في إيران بدأ "ينتف ريش" النظام

طابور في شيراز بحثا عن الدجاج
طابور في شيراز بحثا عن الدجاج


في بلاد الملالي والطاووس والكافيار والسجاد التي أنفقت أكثر من 30 مليار دولار على منشآتها النووية حتى الآن، ما يمكن أن نسميه "ربيعا إيرانيا" بدأ يغلي في مرجل النظام، ووقوده للإيراني ما هو أهم من الأرز للصيني أو للكوري، أو الفول للمصري، أي الدجاجة.

الدجاج الذي يأكله الإيراني مطبوخا بالزعفران أو البرقوق (الخوخ المجفف) أو الرمان، خصوصا برمضان، مفقود منذ أشهر في الأسواق، وحين يعثرون عليه بعد الوقوف لساعات بطابور طويل يدفعون بالكيلو ما كان سعره أقل من دولارين العام الماضي، وأصبح الآن 6 دولارات، أي تقريبا 73 ألف ريال في بلد دخل الفرد الشهري فيه 370 دولارا، لذلك بدأت الأزمة "تنتف ريش" النظام بدءا من مدن الأرياف.

قبل أسبوع تظاهر آلاف الايرانيين في مدينة نيسابور الواقعة في مقاطعة خراسان بالشمال الشرقي الإيراني، كما في أريافها، بحسب الفيديو الذي ترفقه "العربية.نت" مع الموضوع، احتجاجا على ارتفاع أسعار الغذاء والنقص بالدواجن، حيث نسمع المتظاهرين يهتفون "مرغ.. مرغ" ومعناها "دواجن. دواجن" قاصدين الدجاج بشكل خاص.

الاحتجاجية التي وصفتها وسائل الإعلام الإيرانية بالأولى من نوعها وأنها بسبب الأزمة
التي تعصف بالاقتصاد الإيراني منذ عام، هي أيضا بسبب العقوبات الغربية المفروضة على إيران والزيادة الحادة التي طرأت على أسعار المواد الغذائية، وأهمها الدواجن المصنفة بأهم طعام رئيسي للشعب الإيراني، خصوصا للطبقة الوسطى.

صناعة الدجاج الإيرانية تمشي على البيض

ووفقا لما راجعته "العربية.نت" في مواقع إخبارية للإيرانيين على الإنترنت، حتى ومن ترجمات ما تنشره صحفهم المحلية، فإن معظم الإيرانيين يلقون باللوم على النظام والحكومات الغربية معا بانهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع معدل التضخم الذي وصل الى 70 % تقريبا، وهو الى مزيد وجعل صناعة الدواجن تمشي على البيض ببطء بعد أن كانت متطورة ومزدهرة، بحسب محللين اقتصاديين مستقلين، ممن نشرت آراءهم الصحف الإيرانية نفسها.

وهناك صحف أجنبية تطرقت لأزمة الدجاج، من بينها "وول ستريت جورنال" في تقرير نشرته الأسبوع الماضي وذكرت فيه أن صناعة الدجاج الإيرانية ما زالت معتمدة على الخارج حتى الآن، حيث يتم استيراد معظم فول الصويا والذرة كعلف، وهما من الحبوب التي حذر البنك الدولي أمس الاثنين من ارتفاع أسعارهما مجددا بسبب جفاف شديد ضرب الغرب الأوسط الأمريكي، وجفاف مماثل في روسيا وأوكرانيا وقازاخستان.

ونطالع في الصحف الإيرانية أيضا أن نصف مزارع الدجاج تقريبا توقفت عن الإنتاج لأن أسعار المواد الأولية المستوردة، من علف ولقاحات، مرتفعة الكلفة، لذلك تعيش إيران أزمة حادة بسبب الغلاء الفاحش بأسعار الدجاج وفقدانه من السوق، الى درجة اشتاق معها الإيراني لطعمه، مما حمل أجهزة إعلام حكومية على نشر صور لمواطنين يقفون في الطوابير بمدينتي "يزد" وشيراز وآخرين مهرولين وراء الشاحنات التي تحمل الدجاج.

لذلك نشر موقع "بازتاب" التابع على الإنترنت لقائد الحرس الثوري الأسبق، محسن رضائي، تصريحا له يرد فيه على الصور ويستغرب "افتعال أزمة الدجاج لمشاغلة المواطنين بأمور هامشية في الظروف الراهنة" مشيرا الى أن أزمة الدجاج "أصبحت للإيرانيين أهم بكثير من قتل المسلمين في عدد من دول العالم" وفق تعبيره.

مرجع ديني: الدجاج مضر بالصحة فتجنبوه

وقبل أسبوع حدث ما يشبه مسرحية "الزعيم" لعادل إمام، حيث اقترح "الزعيم" على وزير التموين الذي أخبره بوجود أزمة غذاء في البلاد القيام بحملة إعلامية لإقناع الشعب بمضار الأكل، وهو ما فعله المرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حين حاول التخفيف على الإيرانيين بخطبة الجمعة الماضية، وقال: "لا تجعلوا الأكل هما لكم، ولا تجعلوا من قضية الشح باللحوم والدجاج قضية ساخنة" طبقا لما نقلت عنه بعض الصحف الإيرانية.

وقال المرجع الشيعي في التصريح الذي تناقلته جميع المواقع الإيرانية المعارضة، ومنها "روز" الشهير، إن الأطباء "ينصحون بالابتعاد عن أكل اللحوم والدجاج لأنها مضرة بالصحة، فتجنبوها" ودعا الإيرانيين "الى اتباع الحمية في رمضان والابتعاد عن الدجاج" من دون أن يشير إلى الأسباب التي جعلت من إيران تستورد الدجاج وهي التي كانت تصدره.

ومما أثار حفيظة الإيرانيين أكثر هو خروج العميد اسماعيل وحيدي مقدم، قائد قوى الأمن الداخلي الإيراني، على القنوات التليفزيونية لينتقدها، خصوصا irib الشهيرة، وليحثها والصحف على عدم بث صور لأشخاص يأكلون الدجاج "لأن هذه المشاهد تشعل توترات اجتماعية لا يمكن التنبؤ بعواقبها، فعندما يرى أحدهم الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء قد يستل سكينا ليأخذ ما يرى أنه حقه من الأغنياء" كما قال.

الدجاج أصبح نادرا في إيران، وحمل الإيرانيين على منح طعامهم المفضل لقب "حضرة الدجاج" حين يصل الى المنتظرين منذ ساعات في الصف، فيرحبون به ويستقبلونه بالتصفيق، وفي الوقت نفسه يتأملون الى ما وصلت إليه الحال في بلاد كانت تصدر الغذاء الى دول الجوار فأصبحت لا تعثر عليه في أراضيها بالذات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق