22‏/03‏/2012

قطر: بدء أعمال مؤتمر "منع انتشار الأسلحة النووية في الخليج"


بدأت في الدوحة اليوم أعمال مؤتمر "منع انتشار الأسلحة النووية في الخليج"، لمناقشة ملف السلاح النووي باعتباره أحد أهم التحديات التي تواجه هذه المنطقة في الفترة الحالية.
وقد شارك في المؤتمر العميد الركن طيار ناصر محمد العلي رئيس اللجنة الوطنية لحظر الأسلحة، بالإضافة إلى عدد من المسئولين الدوليين البارزين، وعلى رأسهم السيد "هانز بليكس" الرئيس السابق للجنة التفتيش بالأمم المتحدة.
وقال العميد الركن ناصر العلي في كلمته خلال افتتاح المؤتمر بجامعة جورجتاون إن هذا المؤتمر يعكس تخوفات المنطقة والعالم فيما يخص انتشار الأسلحة النووية، موضحا أن المؤتمر له سمة خاصة حيث يعقد تحت رعاية مشتركة من دولة قطر والمملكة المتحدة، وهذا يؤكد على أهمية التعاون في هذا الإطار فيما يخص معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وأشار إلى أن دولة قطر التحقت بهذه المعاهدة، كما أسست مركزا خاصا بعدم انتشار الأسلحة النووية، كما أن هناك جهودا يتم بذلها من أجل رخاء الإنسانية وسعادتها، فضلا عن أن قطر ترجمت ذلك في مناسبات مختلفة، معربا عن أمله أن يسلط هذا المؤتمر الضوء على هذا الموضوع المهم.
وأكد العلي أن انتشار معاهدة منع انتشار السلاح النووي يعتبر أداة مهمة لاستباب الأمن وتحقيق الرخاء والتطور الاقتصادي والاجتماعي، موضحا أن الجهود يجب أن تتركز حول تحقيق هذه الأهداف جميعا.
وأضاف أنه بالنظر إلى هذا الموضوع يمكننا أن نرى إلى أي مدى نتطلع إلى مشاركة كبيرة من قبل متخصصين ومدى مساهماتهم، وهذا بالتأكيد سيثري عمل هذا المؤتمر وسيسلط الضوء على النشاطات المتعلقة بهذه المعاهدة.
من جانبه، قال السيد "هانز بليكس" الرئيس السابق للجنة التفتيش بالأمم المتحدة إنه ما من منطقة في العالم تشهد جدلاً ساخناً حول موضوع منع الانتشار النووي أكثر من هذه المنطقة.
واضاف أنه ليست هناك منطقة أخرى تشهد مخاوف من عواقب الفشل في منع الانتشار النووي أكثر مما تشهده منطقة الخليج، إضافة إلى أن دولها بدأت تظهر رغبة ملحة في التوجه نحو بناء مفاعلات نووية جديدة، لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر.
وقال "لعل حادث فوكوشيما قد أثار الكثير من المخاوف في مختلف المناطق، إلا أن رد الفعل الأكثر إلحاحاً في الخليج لم يكن التساؤل عن المضي بالدخول إلى عصر الطاقة النووية، بقدر ما كان اختباراً للمعايير التي يجب توافرها مع دخول هذا العصر، لتفادي أي حوادث خطيرة محتملة".
وأوضح بليكس أنه في جميع أنحاء العالم، فإن اسم قطر يرتبط دائماً بحرية المناقشات، وهذا ما نتوقعه من العديد من الخبراء المتميزين الذين سيتحدثون خلال المؤتمر.
وأشار إلى أن الأسبوع المقبل سيشهد انعقاد القمة العالمية الثانية للأمن النووي في عاصمة كوريا الجنوبية سول، وقال إن البعض قد يشعر بأن هذا الموضوع يتعلق بتجنيب العالم وقوع بعض الجرامات أو ربما الكيلوجرامات من اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم في أيدي الإرهابيين أو المجرمين، بينما مازالت دول الترسانات النووية الكبرى غير قادرة على التخلص من أطنان من هذه المواد التي تزيد عن حاجاتها التسليحية.
وأكد بليكس أن قضية الأمن النووي متسعة وخطيرة، وقال "لا يجب أن نغفل المخاطر المحتملة إذا ما تمكن بعض الإرهابيين من الحصول على مواد نووية واستخدموها في صنع قنبلة قذرة أو أدوات خام تستخدم في التفجير".
واضاف إنه رغم اهتمامنا بأمن المنشآت النووية ووسائل النقل ضد أي أعمال إرهابية، إلا أننا نحتاج أيضاً إلى أن نضع في اعتباراتنا أي هجمات مسلحة محتملة قد تشنها دول ما ضد منشآت نووية، مشيرا في هذا الإطار إلى احتمالات أي تحرك عسكري ضد إيران.
وقال إنه وسط الجدل المكثف الدائر حالياً حول تفجير أهداف معينة في إيران، لم تتم الإشارة إلى البروتكول الإضافي لاتفاقية جنيف 1949 ، وكذلك المادة 54 من بروتكول 1977 والتي تمنع مهاجمة محطات الطاقة الكهربائية النووية، إذا كانت هذه الهجمات تشكل خطرا على عدد كبير من المدنيين.
وقال السيد "هانز بليكس" الرئيس السابق للجنة التفتيش بالأمم المتحدة إن بناء مفاعلات نووية جديدة في منطقة الخليج، هو جزء من نهضة أوسع للتوجه نحو الطاقة النووية، والتي أثارت مخاوف لدى بعض الناس من أن أي زيادة في استخدام مواد نووية مدنية قد يؤدي إلى تزايد مخاطر الانتشار النووي.
وأشار إلى أن بعض الدول الكبرى أعلنت عن رؤيتها بناء المزيد من المفاعلات التي تعمل بالماء الخفيف في دول أخرى، وكجزء من اتفاق أكبر، فإن الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى أبدوا رغبتهم في مساعدة كوريا الشمالية على بناء مفاعلين من هذا النوع، وخلال المحادثات مع إيران تم اقتراح مساعدة مماثلة لبناء مفاعلات تعمل بالماء الخفيف، ضمن صفقة لوقف تخصيب اليورانيوم.
لكنه أكد في الوقت ذاته أن بناء وتشغيل منشآت تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتينيوم، يمكنها أن تزيد من مخاطر التسرب والانتشار النووي ، مشيرا إلى أن ما يركز عليه العالم حاليا هو ذلك القلق السائد في كوريا الشمالية وإيران، ليس بسبب مفاعلات الماء الخفيف، وإنما التخصيب ومحطات إعادة المعالجة، وهي أمور قد تنتج عنها مشكلات.
وأوضح بليكس أن الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية وفي الوقت نفسه عضو في المعاهدة، يُحظر عليها بناء أو حيازة أسلحة نووية، كما تقبل بالخضوع للتفتيش، ولا توجد تعديلات تفرض مزيداً من القيود على هذه الدول يمكن أن تشكل فرصة للنجاح، إذا ما كان الأمر يتعلق بالتخصيب أو الحق في الانسحاب أو غير ذلك، حتى تصبح الدول النووية الأعضاء أكثر التزاماً بمسؤولياتها في المعاهدة للتفاوض بشأن نزع السلاح النووي.
وقال إنه توجد دولتان تصران على امتلاك مفاعلات إنتاج دورة الوقود النووي، هما كوريا الشمالية وإيران، مما أثار مشكلات لاتزال تحتاج إلى حل وهي ومصدر القلق الرئيسي الآن في منطقة الشرق الأوسط، في ظل التهديد الإسرائيلي بقصف منشآت في إيران، وما يمكن أن ينتج عن مثل هذا العمل.
وأعرب السيد "هانز بليكس" الرئيس السابق للجنة التفتيش بالأمم المتحدة عن اعتقاده بأن منع إيران من إنتاج أسلحة نووية هو أمر مهم جدا للولايات المتحدة وإسرائيل، لكنه قال "لا يبدو مما يدور حاليا أن واشنطن تعتزم فتح جبهة قتال ثالثة في الشرق الأوسط إلا إذا تم جرها ودول أخرى إلى هذا الصراع من قبل إسرائيل".
وقال إنه في ظل هذه الأجواء الساخنة التي تسود الآن، تبرز مقولة مفادها أن حل الأزمات النووية عن طريق الدبلوماسية والتفاوض قد يتسبب في إهدار ماء الوجه لكنه قد ينقذ أرواح الكثير من الناس.
وأعرب عن أمله أن تقدم إيران ما يبرهن على أنها تنوي البقاء طرفا في معاهدة الحد من الانتشار النووي واتفاق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأنها ستواصل الالتزام بالمعاهدة ودعوة المفتشين إلى التحقق من أنشطة التخصيب وغيرها من الأنشطة التي ترى أن من حقها القيام بها، كما أعرب عن أمله ألا تقتصر نتائج المفاوضات على هذا الحد الأدنى من الطموحات.
وقال إنه ربما تكون إيران قد أنتجت الكمية التي تعتقد أنها بحاجة إليها من وقود المفاعلات البحثية المخصب بنسبة 20 بالمئة، وربما تعلن بالتالي عن أن ما تقوم به حاليا هو تخصيب اليورانيوم لاستخدامه فقط في مفاعلات الطاقة، وفي حال حصول الاتحاد الأوروبي على تقرير بهذا المضمون فإنه قد يعلن أن ذلك يمثل عنصرا هاما في إعادة النظر في العقوبات المقررة على إيران.
من جهته، أكد "باول آنجرام" المدير التنفيذي للمجلس البريطاني الأمريكي للمعلومات الأمنية في كلمته على أهمية معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في منطقة الخليج وكذلك ما يجري في إيران حيث أن هناك مواقفا مختلفة من ناحية وجود دعم للبرامج النووية، وهذا يلقي بظلاله على الوضع في المنطقة.
وقال "باول آنجرام" إن الكثيرين يرون أن الوقت قد حان لمناقشة هذا الموضوع، حيث أنه يحتاج إلى بحث بشكل مكثف في المنطقة وخارجها، من أجل محاولة إيجاد وضع يصب في مصلحة الجميع بما في ذلك إيران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق